عند مغيب كل يوم وحينما تذهب الشمس إلى مخبأها ، ويتلاشى رويداً رويدا آخر رمق لها ، وحينما تجر خلفها آخر خيوط أشعتها الذهبية ، ويبدأ المساء ينشر أشرعته في أرجاء الدنيا ، يشد لجام خيوله المسرجة على ظهر النهار ، ويبدأ الليل يحتضن دنيانا ويحتوينا بداخلها ، في ذات الوقت من كل يوم ومنذ يوم زفافك أذكرك ، لأننا كنا كثيراً نلتقي في ذات الوقت ، ساعتها أرجوك اذكريني ..
وعندما يتوغل الليل ويتوسد الدنيا بل يتوسط مساحاتنا ، وقبل أن يجر أزياله خلفه مفسحاً المجال لشمس جديدة وصبح آخر ، لحظتها نكون قد تلاشتْ المساحات بيننا , وتبدد الهمس صمتاً ، وبات البوح أنفاساً حرى وعناقاً ممتد ، تتخلله طرطقة سرير لأحدهم يتقلب يمنة ويسرة كأنه قد ضاق به المضجع ، وأرقته أحلامه ، وهو مستلقي على سريره في ساحة منزلكم ، حينها وقبل أن يودع المساء الكون ويكون اجتماعنا يجمع بقايا أطرافه معلناً انتهاء ذلكم اللقاء ، ليس لأننا كلننا من بعض أو مللنا ربما يكون قد ملنا اللقاء ، ولكننا لم نمل الالتقاء ، بيد أننا نخاف عيون الصباح أن تفضحنا وعيون الناس ، لذلك كنا نجمع بقايانا ويذهب كل منا عن الآخر ليس ببعيد ... وبالقلب رغبة في البقاء رغم طول الالتقاء ، ولكنها لوعة العشق ، وجنون اللقاء ، بل نذهب عن بعضنا ذهاب لقيا ، وليس غياب ذكرى لأن كل منا يحتمل الآخر بين جوانحه ، يخبئه في جوانحه ، كنا نذهب عن بعضنا ليجمع كل منا أشتاته ، ليستعد للقاء جديد ومساء آخر ، ففي حضرة مقامك أجلس مهذب أمامك يطول الكلام ، لحظتها في كل يوم منذ افتراقنا أذكرك ، فأرجوك رائعتي أذكريني