[size=24]الاعزاء ..
اولا دعونى احكى لكم قصتين شخصيتين .. الاولى تركت الوطن وانا فى بداية العشرينات من العمر .. الصبا والشباب والحماس ... تركت الوطن للغربة وانا لاعب كرة قدم هداف اسيتطيع خوض مباراة كاملة من شوطين واضافى .. ورسخ هذا المعنى فى ذاكرتى طيلة سنوات الغربة بل شطحت اكثر من ذلك فكان خيالى احيانا يحملنى لمقدرتى على العودة للوطن واللعب للمريخ العاصمى لما وصل له المستوى من تدنى .. حملت هذه الفكرة وذهبت للسودان فى اجازتى الاخيرة وباشر كابتن كابو اللى هو انا التمارين بل قل الدافورى .. صدقونى فى اول تمرين تخيلت نفسى من الميدان للمقابر واستغربت كيف يبدو لى اللعب صعبا مستحيلا .. وتمرين بعد اخر ادركت انه العمر وتقدمه بل تسربه بدون ان ننتبه ... وهنا احترمت قدراتى ووضعت نفسى فى حجمها الحقيقى وهو اللعب من اجل الصحة والرياضة فقط واذابة الدهون المتراكم على الشرايين من اجل قلب قوى وسليم ونسال الله ان يجعله دائما فى خشية الله ابيضا كاللبن لا يعرف احقاد النفس البشرية الامارة بالسوء ولا اهوائها وان يثبت الله قلوبنا جميعا على هديه ...
القصة الثانية وانا بالصف الاول بمدرسة شقدى المتوسطة كان لدينا دائما حلقة نقاش بعد صلاة العشا بالمسجد نتناول فيها مختلف القضايا .. اذكر وقتها اننى اعترضت على احد ائمة المساجد لكبر سنه وعدم وضوح كلماته فى خطبة الجمعة وفى القراءة جهرا .. هنا نظر لى الجميع شذرا اشارة لتجاوزى خطوط حمراء بمنطق ذاك الزمان .. وانفض السامر من حولى بسرعة .. لتمر الشهور ويمنع الامام كتقاعد اجبارى من جهة ذات سلطة سيادية لنفس راينا فيه .. وقبلها اذكر جيدا بان الاخ الكريم ن . ا . يعقوب جائنى فى المنزل مؤمنا على ماقلته ...
كل ماقصصته عليكم مر بى خاطرى وانا اشاهد فنانا الموسيقار محمد ميرغنى وهو يجاهد ليسمعنا صوته الضعيف الشائخ بفعل السنوات السبعون وهل يعقل ان يغنى رجلا فى السبعون من عمره !! ومحمد ميرغنى ليس وحده فالقائمة تطول زيدان وعلى اللحو وترباس ومبارك حسن بركات والفرجونى وعبد العزيز المبارك وشرحبيل احمد والكابلى والجيلانى الواثق وعبد القادر سالم ومحود تاور .. وكل من فى سنهم كلهم شاخت اصواتهم ومازالوا مصرين على عدم احترام ماضيهم الجميل والذى سيبقى خالدا باصواتهم المعتقة .. واذكر ان مجموعة كبيرة ايضا من الفنانين الذين انتقلوا الى رحمة الله لم يتوقفوا عن الغناء باصواتهم الضعيفة بفعل الزمن وتقدم السن لاخر لحظة .. مثل سيد خليفة وابراهيم عوض وغيرهم .. الا الراحل عثمان حسين الذى توقف قبل فترة من وفاته بل سمح للفنان عصام محمد نور بترديد اغنياته بدلا عنه !! ويحضرنى هنا موسيقار الاجيال المصرى محمد عبد الوهاب الذى اعتزل الغناء قبل عشرون عاما من وفاته وتفرغ للالحان والموسيقى !!! ياهؤلاء ارحمونا وارحموا ماضيكم العظيم واحترموا تقدم السن واعترفوا به لانه حقيقة وماتفعلونه انتم من اصباغ لشعركم الابيض هو الوهم .. وهى سنة الحياة فى خلقه يا شباب ...
والموضوع اخوتى ليس حكرا على الفنانين بل هو اسقاطات نفسية تحتاج لجلسات علاج ... ايضا لاعبو كرة القدم فنذكر جيدا اصرار كابتن فريق مقدمة على اللعب فى اخر الشوط الثانى لمباراة ختامية ليرفع الكاس وقد كان له مااراد ولكن دخوله السالب كاد ان يفقد الفريق الكاس لولا ستر الله ولطفه ..
وقد اعجبت كثيرا باللاعب الفذ الموهبة محمد نورلاعب الاتحاد السعودى عندما نزل فى الشوط الثانى فى اخر مباراة له ورفضه باصرار شارة الكابتن من زميله الذى خلعها بمجرد نزوله واراد ان يزين بها يديه تقديرا له لما قدمه ومازال يقدمه .... مما دل على خلوه من اى احساس بالنقص وثقته التامة فى نفسه .. وياريت الكل يتعامل بهذا الفهم الراقى اذا لاراحنا واستراح هو يا ...[/size]