وبدأ الليل يلملم أطرافه .. ويجمع أشتاته .. , تمضي لحظاته .. وهنا في هذه البلاد ... تلك الأحاسيس التي تجتاحنا وذلك الزخم الذي نرتاده وتلك العواطف الجياشة التي تعبيء عواطفنا حتى الثمالة .. لا تطوف حولنا مثلما كانت تجتاحنا في بلادنا ..
فهنا بلاد بلا قمر وبلا شمس .. وبلا سينما .. وبلا .. وبلا ... كثيرة هنا البلاءات والابتلاءات .. حفظنا الله وإياكم ..
وفجأة تذكرت بلادنا الرائعة وتذكرت قبيل أن تجر الشمس أزيالها وقبل أن يطل علينا الليل الرائع تحملنا الخطى دون أن نعرف أين سنسهر هذا المساء؟
إلى سينما الوطنية ، أو سينما الخواجة ، أو ربما إلى سينما أمير ... هذه السينما الأخيرة تخيفنا منها بعد المسافة وصعوبة الحصول على مواصلات عقب العرض ، لذلك لا نفكر فيها كثيراً حتى لو كان العرض لأول مرة في الدنيا ، فأهم ما يرتبط بالسينما وقبل أن تسأل نفسك أين تسهر هذا المساء تسأل نفسك مائة مرة وتعيد ألف مرة السؤال ، كيف ستعود أدراجك إلى منزلك عقب أن ينقضي فيلم ذلكم المساء .
ونذهب وحينما يبدأ العرض ترحل معه أشجاننا ونظل نرتاد الثريا وننسى الدنيا بما فيها وننسى أين نحن ، وفي خضم أحداث الفيلم المتعاقبة ، يحملنا الفيلم بأحلامه الوردية ، حيث لا أمنيات تخيب ولا كائنات تمر ، ويظل البصر معلق بين لقطة وأخرى والظلام يحيط بكل شيء حتى صديقك الذي يجلس بجوارك للحظات قد تنساه وأنت في خضم تلك الأحداث المتتالية ، وحدث يعقبه حدث ، وفجأة تجد أفواج من المشاهدين يخرجون قبيل أن ينتهي الفيلم ليلحقوا بالمواصلات وربما لن يبلغوها فلا هم شاهدوا نهاية الفيلم واستمتعوا به ولا هم وجدوا مواصلات تقلهم إلى منازلهم ، فلا هم طالوا بلح الشام ولا هم ذاقوا تمر المدينة ...